اضطراب طيف التوحد ١٠١: دورة مكثفة

مؤشرات وأعراض متباينة

يختلف الأطفال ذوي متلازمة داون واضطراب طيف التوحد في آن معاً عن غيرهم من الأطفال بطريقة أو بأخرى. فبعضهم يكون قادراً على الكلام، وبعضهم لا. وبعضهم سيعتمد إلى حد كبير على الروتين والنظام، بينما سيكون آخرون أكثر مرونة. وإذا ما أضفنا ذلك إلى المجموعة الكبيرة من القدرات التي يتم رصدها في متلازمة داون وحدها، فإن الأمر قد يدفع للحيرة. لذا سيكون من الأسهل فهم اضطرابات مرض اضطراب طيف التوحد بشكل منفصل عن متلازمة داون. 

التوحد، والحالة الشبيهة بالتوحد، واضطراب طيف التوحد (ASD)، والاضطراب النمائي الشامل (PDD)، كلها مصطلحات تعني الشيء نفسه إلى حد ما. فهي جميعها تشير إلى متلازمة عصبية سلوكية يتم تشخيصها عبر ظهور أعراض محددة وتأخر في النمو في مراحل مبكرة من العمر. وتنتج هذه الأعراض من اضطراب كامن في الدماغ قد يكون له عدة أسباب، بما فيها متلازمة داون. في الوقت الحالي، هناك بعض الخلاف ضمن المجتمع الطبي في ما يتعلق بتحديد عمليات التقييم المطلوبة لتشخيص المتلازمة أو الدرجة التي يجب أن توجد فيها "خصائص أساسية" محددة للتوصل إلى تشخيص اضطراب طيف التوحد عند طفل ذو متلازمة داون. للأسف، فإن عدم وجود اختبارات تشخيصية محددة يثير الكثير من الالتباس عند المتخصصين والآباء وغيرهم ممن يحاولون فهم الطفل وإعداد البرامج الأمثل للعناية الطبية والتعليم. 
 

عموماً هناك إجماع عام بأن:

  • التوحد هو اضطراب طيفي الطابع: قد يكون خفيفاً أو حاداً

  • الكثير من الأعراض تتقاطع مع حالات أخرى مثل اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب نقص الانتباه المقترن بفرط النشاط

  • يرتبط تشخيص اضطراب طيف التوحد بالنمو. ويتغير التعبير عن المتلازمة مع سن الطفل ومستوى النمو  

  • يمكن أن يصاحب التوحد حالات مثل الإعاقة الذهنية واضطراب الصرع ومتلازمة داون

  • التوحد هي حالة تستمر مدى الحياة

 

وتشمل مثيرات القلق الموصوفة الأكثر انتشاراً بين الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد ما يلي:

  • التواصل (استخدام وفهم الكلمات المنطوقة والإشارات)

  • المهارات الاجتماعية (المتعلقة بالناس والظروف الاجتماعية)

  • حركات الجسم أو أنماط التصرف المتكررة 


بالطبع تتراوح طبيعة أي من هذه الحالات من طفل إلى آخر، وبشكل خاص خلال مرحلة الطفولة المبكرة.

إن الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد قد تظهر عليهم جميع الخصائص التالية في أي وقت وقد لا تظهر، كما لا تظهر قدراتهم على نحو متسّق في ظروف مشابهة. وهناك خصائص متغيرة لمرض اضطراب طيف التوحد عند الأطفال ذوي متلازمة داون -اضطراب طيف التوحد، ومنها ما يلي:

  • استجابة غير عادية للمؤثرات الحسيّة (خصوصاً الأصوات أو الأنوار أو اللمس أو الألم)

  • رفض الطعام (بمختلف أشكاله أو مذاقاته المفضلة)

  • لعب غير طبيعي بالدمى والأغراض الأخرى

  • صعوبة في تقبل التغييرات التي تطرأ على الروتين أو البيئة المحيطة المألوفة

  • ضعف في التواصل أو انعدام معناه

  • سلوكيات تخريبية (عدوانية، نوبات غضب، حالة شديدة من عدم إتباع التوجيهات)

  • فرط نشاط، مدة انتباه قصيرة، اندفاع

  • سلوك مؤذي للنفس (نقر الجلد، قرع الرأس أو ضربه بشدة، وخز العين، العض)

  • اضطرابات في النوم

  • تاريخ في تراجع التطور (خصوصاً اللغة والمهارات الاجتماعية)

 

يتم ملاحظة هذه الخصائص أحياناً في اضطرابات الطفولة الأخرى مثل اضطراب نقص الانتباه المقترن بفرط النشاط أو اضطراب الوسواس القهري. 

يتم أحياناً التغاضي عن اضطراب طيف التوحد أو اعتباره غير مناسب لطفل ذو متلازمة داون، وذلك نتيجة الضعف الإدراكي. على سبيل المثال، إذا كان الطفل مندفعاً ومتهوراً ويظهر درجة عالية من فرط النشاط، فإن الدراسة التشخيصية قد تقتصر على احتمال الإصابة باضطراب نقص الانتباه المقترن بفرط النشاط. وقد يُـنظر إلى الأطفال الذين يقومون بالكثير من السلوكيات المتكررة على أنهم مصابون باضطراب الحركة النمطي فقط، وهو مرض شائع بين الأشخاص الذين يعانون من إعاقات إدراكية حادة. 

يوافق معظم الآباء على أن المشاكل الشديدة في السلوك لا يمكن علاجها بسهولة، لذا يعتبر البحث عن حلول للمخاوف المتعلقة بالسلوك أحد الأسباب التي تجعل الأسر تلجأ لطلب المساعدة من الأطباء واختصاصيي السلوك. ومقارنة مع مجموعات أخرى من الأطفال الذين يعانون من ضعف إدراكي، فإن الأطفال ذوي متلازمة داون (بصفتهم مجموعة واحدة) هم أقل عرضة للإصابة باضطرابات سلوكية أو نفسية. وعندما يصابون بها تتم الإشارة إلى ذلك في بعض الأحيان بوصفه "تشخيص مزدوج". ومن الضروري للمختصين النظر في إمكانية إجراء التشخيص المزدوج (متلازمة داون مع حالة نفسية مثل اضطراب طيف التوحد أو اضطراب الوسواس القهري) لسببين:

  • قد تكون الحالة متجاوبة مع الدواء أو العلاج السلوكي

  • إن التشخيص الرسمي قد يساعد الطفل في الحصول على خدمات تعليمية وخدمات تدخُّل أكثر تخصصاً وفاعلية


معدل الإصابة

من الصعب تقدير مدى انتشار أو حدوث اضطراب طيف التوحد بين الأطفال والبالغين ذوي متلازمة داون. ويعود ذلك جزئياً إلى عدم الإجماع على معايير التشخيص وعدم وجود توثيق مكتمل عن الحالات على مر السنين. وفي الوقت الحالي، تتباين التقديرات بين 1 و10%، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المسجلّة لدى عموم السكان (0.04%) وأقل من المجموعات الأخرى للأطفال الذين يعانون من إعاقة ذهنية (وهي 20%). ويبدو أن حدوث تثلث الصبغي 21 يخفض عتبة ظهور اضطراب طيف التوحد عند بعض الأطفال، وقد يكون ذلك نتيجة تأثيرات أخرى (جينية أو بيولوجية) على تطور الدماغ.  

إن مراجعة ما تمت كتابته عن هذا الموضوع منذ عام 1979 تكشف عن وجود 36 تقريراً حول متلازمة داون واضطراب طيف التوحد (24 طفلاً و12 بالغاً). والمثير للدهشة هو أن 28 شخصاً من 31 حالة كانوا من الذكور، أي أن معدل الذكور إلى الإناث أعلى بكثير من المعدل الذي يتم تسجيله في حالات التوحد لدى الأشخاص العاديين. وإضافة إلى ذلك، وفي التقارير التي تناولت المستوى المعرفي، كان أغلب الأطفال الذين تم اختبارهم يقعون ضمن نطاق ضعف الإدراك الحاد. 

عموماً، إن السبب وراء اضطراب طيف التوحد ليس مفهوماً بصورة جيدة، سواء كان مصاحباً لمتلازمة داون أم لا. وهناك بعض الحالات الطبية التي يكون فيها اضطراب طيف التوحد شائعاً أكثر، مثل متلازمة الصبغي X الهش، وتشوهات الصبغيات الأخرى، واضطراب الصرع، والالتهابات الفيروسية في فترة ما قبل الولادة أو في الفترة المحيطة بالولادة. ويجب أن تشمل هذه القائمة متلازمة داون أيضاً. كما أن تأثير الوجود المسبق لحالة طبية مثل متلازمة داون على نمو الدماغ قد يكون عاملاً مهماً في ظهور اضطراب طيف التوحد عند الطفل.
 

نمو الدماغ واضطراب طيف التوحد

إن نمو الدماغ وكيفية أدائه لوظائفه يختلف بطريقة ما لدى الأطفال ذوي متلازمة داون-اضطراب طيف التوحد مقارنة مع نظرائهم ذوي متلازمة داون وحدها. ومن شأن توصيف هذه الاختلافات في نمو الدماغ وتسجيلها عبر تقييم مفصل لكلا المجموعتين أن يوفر فهماً أفضل للحالة والعلاجات الممكنة للأطفال ذوي متلازمة داون-اضطراب طيف التوحد. 

وأظهر تحليل مفصل للدماغ أجري عبر التشريح أو عبر التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لأطفال مصابين بالتوحد أن هناك عدة مناطق مختلفة للدماغ لها علاقة بالمرض، وهي:

  • الجهاز الحوفي، وهو مهم لتنظيم الاستجابات العاطفية والمزاج والذاكرة

  • الفصوص الصدغية، وهي مهمة للسمع والمعالجة العادية للأصوات

  • المخيخ، وهو ينسق الوظائف الحركية وبعض العمليات الإدراكية

  • الجسم الثفني، وهو يربط نصفي قشرة الدماغ معاً


إن المخيخ والجسم الثفني مختلفان من حيث المظهر عند هؤلاء الأطفال مقارنة مع الأطفال ذوي متلازمة داون وحدها.
 

كيمياء الدماغ واضطراب طيف التوحد

إن الكيمياء العصبية (كيمياء الدماغ) للتوحد هي أبعد ما يكون عن الوضوح، ومن المرجح أنها تنطوي على عدة أنظمة كيميائية مختلفة للدماغ. إن هذه المعلومات توفر الأساس لتجارب الأدوية التي تهدف للتأثير على طريقة عمل الدماغ من أجل إحداث تغيير في السلوك.

وأظهرت تحاليل الكيمياء العصبية بشكل متسّق أنه عند الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد لوحده هناك نظامان على الأقل يلعبان دوراً:

  • الدوبامين: ينظم الحركة ووضع الجسم والانتباه وسلوكيات المكافأة

  • السيروتونين: ينظم المزاج والعدائية والنوم وسلوكيات التغذية


وإضافةً إلى ذلك، قد تلعب المستحضرات الأفيونية - التي تنظم المزاج والمكافآت والاستجابات للإجهاد والاحساس بالألم- دوراً عند بعض الأطفال.

لم يتم حتى الآن إجراء دراسات مفصلة لكيمياء الدماغ عند الأطفال ذوي متلازمة داون-اضطراب طيف التوحد، لكن التجربة السريرية باستخدام أدوية تقوم بتعديل الدوبامين والسيروتونين كانت إيجابية لدى بعضهم.

المراجع

وردت المعلومات الموجودة في هذا القسم عبر تنظيم حصري مع جمعية متلازمة داون الوطنية [على الإنترنت]، والتي يمكن الوصول إليها عبر الموقع الإلكتروني http://www.ndss.org