عندما يتم تطبيق البرنامج بإستخدام أنشطة تلبي إحتياجات الطلاب فإنها تساهم في تقليل المشاكل السلوكية إلى حدها الأدنى، ويتسنى للمدرسين اكتشاف متعة التدريس الرائعة. وتوفر هذه الإرشادات الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح للمدرس والطالب على حد سواء، إذ لا يمكن أن ينجح أحدهما دون الآخر.
توفير وسيلة تواصل إيجابية وذات كفاءة
يحتاج الأطفال من ذوي متلازمة داون إلى وسيلة تواصل فعالة وذات كفاءة تمكنهم من إكتساب القدرة على التحكم في بيئتهم. فإن العجز عن التواصل بفعالية يسبب إحباطاً كبيراً للطفل، وبالتالي تتطور لديه سلوكيات غير مرغوب فيها ليعبر عن رغباته واحتياجاته ومشاعره. وعادةً ما تتأخر اللغة اللفظية عند الأطفال ذوي متلازمة داون، ويؤثر تأخر اللغة التعبيرية بشكل سلبي على جميع أوجه التعلّم الإيجابي والقدرة على أداء المهام بفعالية في أي موقف يتعرض له. ولتعزيز التواصل الإيجابي، توفر البرامج النموذجية ما يلي:
1. لغة الإشارة التي تُدَرَّس للتعويض عن عدم قدرة الطفل على التفاعل اللفظي، فهي تمكّن الطالب من استخدام الكلمات المعبَّر عنها بالإشارات بدلا من السلوكيات غير المرغوب فيها، وتعزز جميع أوجه التعلّم، بحيث تقترن الكلمات اللفظية بإشارات اليدين دائماً.
2. القراءة التي تُدرَّس إلى جانب لغة الإشارة، حيث يُدرَّس الأطفال كيفية "قراءة" الرموز والرسوم التوضيحية والكلمات المكتوبة. وبذلك يقرأون الرموز والرسوم التوضيحية إلى أن يتعلموا قراءة الكلمات. في حين أن الأطفال الذين يعجزون عن تعلّم قراءة الكلمات يواصلون الاعتماد على قراءة الرموز والرسوم التوضيحية.
3. التواصل الكلي الذي يُقصد به الجمع بين اللغة اللفظية ولغة الإشارة من خلال قراءة الرموز والرسوم التوضيحية والكلمات المكتوبة. ويستهدف التواصل الكلي الحد الأقصى لقدرة الطفل على التعلّم وأداء المهام بفعالية في كافة البيئات.
إتاحة تفاعلات اجتماعية إيجابية
تحدّد البيئة الأساليب الانفعالية وتمدّ المتعلّم بالأدوات والفرص اللازمة لاكتساب مهارة التفاعل الاجتماعي الإيجابي. ومن شأن المشاركة في التفاعلات الاجتماعية الإيجابية أن تعزز الثقة بالنفس وتقدير الذات وصورة الذات واحترام الذات. ولخلق بيئة تعزز هذه التفاعلات، يجب مراعاة ما يلي:
2. حافظ على استمرارية الحوار وتبادل الأدوار لإتاحة التفاعل بين الأطفال والبالغين. ويعني هذا إشراك الأطفال في المحادثات وتبادلها لعدة مرات من اجل إطالتها. فغالباً ما يفشل البالغون في إشراك الأطفال في أكثر من تبادل واحد للحديث، إذ يطرح البالغ سؤالا على الطفل، ويجيب هذا الأخير، وتنتهي المحادثة هنا. لذا يجب على البالغ أن يتبادل مع الطفل المزيد من الأحاديث، وأن يتوقع منه - وينتظره - في نهاية كل حديث أن يأخذ الدور التالي.
3. اجعل دورك في التحدث قصيراً وتحدّث بحسب مستوى فهم الطفل. يمكنك أن تتحدث لعشر ثوانٍ، أو عشر دقائق، لكنّ الطفل سيميل إلى تذكّر آخر ما تقوله فقط. لذلك دع آخر ما تقوله يكون الأوّل أيضاً. وانتبه إلى أنك ستفقد اهتمام الطفل إذا طال دورك كثيراً.
4. علِّم الطفل بعض العبارات الشائعة لاستخدامها في المواقف الاجتماعية الروتينية. فجميعنا نتبع عبارات شائعة في أكثر المواقف الاجتماعية تكراراً – يلقّننا إيّاها آباؤنا ونتعلّمها كذلك عن طريق الملاحظة. ومن هذه العبارات الاجتماعية ما يخصّ إلقاء التحية والرد عليها، طلب الأشياء بطريقة لبقة (لو سمحت)، كيفية الرد عند الحصول على المُراد (شكرًا)، كيفية الرد على الهاتف، وما يُقال عند مغادرة موقف اجتماعي.
5. تذكّر الآثار الضارة للبيئة الطاردة. فالرضّع والأطفال الصغار الذين يتعرّضون للصراخ في وجوههم ولمحفّزات منفّرة يعانون في الواقع من اختلافات حسّية في أدمغتهم، وهي اختلافات تدوم مدى الحياة.
توفير وسائل إيجابية للتعبير عن الاحتياجات
تعد غالبية السلوكيات الغير مقبولة إجتماعياً والسلوكيات التخريبية "العدائية " وسائل لإيصال فكرة: (أ) أريد الخروج من شيء ما – المجموعة، الدرس، النشاط، الصف (سلوك الهروب)؛ و (ب) أريد شيئاً – انتباه، راحة، طعام/ماء، موافقة (التعزيز الإيجابي). ولإحلال التواصل الإيجابي مكان الطرق الغير مرغوب فيها للتعبير عن هذه الاحتياجات، يُرجى اتّباع الإجراءات التالية:
1. زوّد الطالب بوسائل إيجابية ليعبر عن هذه الاحتياجات. فبالنسبة للطفل الذي يحتاج مثلا إلى التهرّب من نشاط ما، يمكن تعليمه إشارة "استراحة"، أو قول - في حال استخدام العبارات اللفظية - "أحتاج إلى استراحة".
2. استجب فوراً في بادئ الأمر للطلب المناسب الذي يتقدم به الطالب، وذلك بغية تعزيز السلوك الملائم لديه والتأكيد له بأن هذا السلوك أكثر كفاءة من أن يكون مخلا بالنظام – فهذه الطريقة مثمرة أكثر. فقد يشير مثلا بكلمة "استراحة"، ويجيب المدرس مباشرة، "أحسنت فعلا، لقد أخبرتني بذلك! خذ استراحة في ركن القصة". (قد يحتاج بعض الأطفال في البداية إلى اصطحابهم إلى منطقة الاستراحة – وفي الطريق إلى هناك، يكون المدرس ودودًا وعطوفًا، ويثني على الطالب لأنّه سمح له بأن يعرف أنّه كان يحتاج إلى استراحة).
3. عندما يترسّخ جيداً السلوك المرغوب فيه، ابدأ بإدخال فترات تأخير. ويجب أن يكون التأخير قصيراً في البداية. اطلب منه القيام بمهة واحدة بسيطة قبل أن يأخذ استراحته. وعندما يتمكّن من إنجاز مهمة بسيطة أو الانتظار لمدة قصيرة، مدِّد فترة التأخير حتى يصبح قادراً على الانتظار إلى نهاية النشاط.
4. في تلك الأثناء، حدّد سبب حاجة الطالب إلى الهروب. فهل كان النشاط صعباً جداً أو طويلا أو مملا أو غير متناسب مع قدرة الطالب؟
5. وتذكّر أنّه لا يمكنك أن تمنع الطلاب من تعلّم كيفية تلبية احتياجاتهم. واحرص على عدم تلقينه من غير قصد سلوكيات غير مرغوب فيها لتلبية تلك الاحتياجات.
توفير وسائل إيجابية للتعبير عن المشاعر
ليعبّر الأطفال عن مشاعرهم بطريقة إيجابية، يحتاجون إلى معرفة ما هي المشاعر وامتلاك المفردات والوسائل للتعبير عمّا يشعرون به. فالمشاعر أمورٌ مجرّدة يصعب فهمها ويجب تدريسها بطريقة منهجية. ومن الإرشادات الخاصة بتدريس المشاعر:
1. خصِّص وحدة دراسية للمشاعر، تعتمد فيه التدريس المنهجي باستخدام رسوم توضيحية وألعاب اللوتو وبطاقات الإجابة. وابدأ بمشاعر السعادة والحزن لتضيف تدريجياً مشاعر جديدة.
2. استخدم بطاقات إجابة خاصة بالمشاعر ليعبّر الطالب عن أي شعور ويستجيب أثناء سرد القصص (كيف شعر الدب الأب عندما ...؟ كيف شعرت الدب الأم عندما ...؟ كيف شعر الدب الابن عندما ...؟)
3. اجعل المشاعر جزءً من الأنشطة طوال النهار، مثل تشغيل أغنية "إن كنت سعيدا مبتهجاً صفق بيديك"؛ واستخدام كلمات المشاعر في فترات تناول الطعام أو الوجبات الخفيفة، مثلا، جائع، شبعان، عطشان؛ واعتماد بعض العبارات الشائعة للتحية، مثلا "كيف تشعر؟" مع استخدام بطاقات إجابة، مثلا، سعيد، حزين، بخير، وغاضب.
4. علِّم الطلاب التعبير عمّا يشعرون به عندما يؤذيهم أحد، جسدياً أو عاطفياً. وعندما يكون الطفل غاضباً، تعاطف معه واطلب منه أن يخبر أو يظهر – عبر الإشارة إلى بطاقات الإجابة – كيف يشعر (حزين، غاضب، مريض).
توفير وسائل إيجابية للتعبير عن الخيارات
ابدأ بتعليم الأطفال كيفية اتخاذ الخيارات عبر اختيار أشياء ملموسة، كالطعام والألعاب، ثم انتقل إلى الخيارات السلوكية. وغالباً لا يعلم الأطفال أن لديهم حرية الاختيار، وما هي اختياراتهم، وأن الخيارات المختلفة تحمل نتائج مختلفة.
إرشادات لتعليم مفهوم الخيارات والنتائج:
1. استخدم الرسومات التوضيحية لتعليم الطلّاب معنى الخيارات ونتائج الجيّد والسيّئ من بينها.
2. استخدم ألعاباً تتطلّب من الطلاب التفكير وتحديد النتائج لخيارات سلوكية محدّدة.
3. استخدم الإيماءات، "الإبهام للأعلى" للخيارات الجيدة و"الإبهام للأسفل" للخيارات السيئة.
4. أكِّد على الخيارات الجيّدة باستخدام الكلمات والإيماءات (مثل الإبهام للأعلى) – "خيار جيّد! ضع الكتب بنفسك على الرفّ!" (قد يضيف المدرّس قوله، "أنا سعيد لأنك مستعد للاستراحة").
5. أشِر بالكلمات والإيماءات (مثل الإبهام للأسفل) إلى "الخيارات السيئة" – "خيار سيّئ. عليك الآن أن تضع جميع الكتب جانباً". وأضِف: "أنا حزين لأنك لن تستطيع أخذ استراحة الآن".
6. اقرأ قصصًا، واطلب من الطلّاب الإشارة إلى الخيار الجيد/السيّئ عندما تتّخذ شخصيات القصّة خياراً.
توفير وسائل إيجابية لتعلّم القوانين
تتّسم الحضارات بقوانين توفّر النظام والأمن للمجتمع، وعلى الرغم من أنّ معظم الدول لديها القوانين المدنية الأساسية نفسها، إلّا أنّه لكل دولة قوانين إضافية مبنية على تقاليدها وقيمها. ومن شأن استعدادنا لتعلّم قوانين الدول الأخرى والانصياع لها أن يتيح لنا الامتداد إلى خارج حدودنا. كما أن معرفة القوانين واتبّاعها يجعلنا متحضّرين – ويمنحنا الاستقلال والحرّية. وبالمثل، يحتاج الأطفال إلى قوانين لمساعدتهم على أن يكونوا متحضّرين – أن يعرفوا كيفية أداء مهامهم بفعالية في المجتمع. وحيث يُقال إنّ العيش بلا قوانين يشبه العيش في منزل بلا جدران – لك أن تتخيّل كم سيكون ذلك صعبًا!
إرشادات لتعليم القوانين:
1. حدّد القوانين بعبارات بسيطة وإيجابية.
2. خصِّص قوانين لكل صف، بحسب مستوى تطور الطلاب وقدراتهم واحتياجاتهم.
3. اعرض القوانين، مع رسوم توضيحية وكلمات، على "لوحة القوانين" مع إرفاقها بمجموعة مطابِقة من "بطاقات القوانين" وإلصاقها على اللوحة بالأشرطة اللاصقة؛ يمكن للطلّاب مطابقة القوانين واختيارها وتسميتها يومياً خلال نشاط المجموعة الكبيرة.
4. ابتكر ألعاب لوتو باستخدام القوانين حيث يقوم الطلاب بمطابقة القوانين واختيارها وتسميتها.
5. اجعل لمخالفة القوانين تبعات مناسبة، وأكّد على أهمّية اتباع القوانين.
6. وضح للطالب القانون الذي خالفه – أو اطلب منه أن يبيّنه لك – بالإشارة إلى القانون على اللوحة. يحتاج الطالب إلى أن يرى القانون ويفكّر فيه لكي يفهم مغزى القانون الذي خالفه.
7. علِّم الأطفال كيفية تحديد القوانين التي خالفها الآخرون وما عليهم أن يفعلوه إذا تعرضوا لموقف يؤذيهم من شخص ما.