يمتلك الأطفال ذوي متلازمة داون نقاط قوة متعددة ويعانون من تحديات كثيرة في عملية تطوير مهارات التواصل، بمافيها مهارات الاستقبال اللغوي (الاستيعاب) ومهارات التعبير اللغوي (التحدث وتركيب الجمل) والقراءة. وهذا يستلزم وجود فريق متكامل لمساعدة الأطفال والمراهقين على تحقيق تقدم جيد في مسألة اللغة والنطق. وبوجهٍ عام، يتضمن الفريق أخصائيين لغة ونطق، وأطباء، ومعلمين، ومدرّسين متخصصين، وأُسر الأطفال. فأخصائيو اللغة والنطق يمتلكون من المعلومات والخبرات ما يؤهلهم لمعالجة مشاكل اللغة والنطق التي يواجهها الكثير من الأطفال ذوي متلازمة داون، والأطباء يتولون علاج حالات الأذن والأنف والحنجرة ومشاكل حرق السعرات الحرارية واختلال الهرمونات التي قد تؤثر على الجهاز التنفسي والسمع والصوت والنطق. وبما أن التعليم المدرسي يرتكز على اللغة والنطق، فإن المعلمين والمدرسين متخصصين وأخصائيي اللغة والنطق قادرون على المساعدة في تحديد المنهجية اللغوية الأمثل لمساعدة الطفل على التعلم. ويلعب الوالدان هنا دورًا أساسيًا في تطوير اللغة والنطق عند طفلهما باعتبار أن المنزل والأنشطة اليومية يشكلان أساس التواصل.
ما هي السمات اللغوية لدى الأطفال والمراهقين من ذوي متلازمة داون؟
أشارت البحوث والتجارب أنه ثمّة جوانب لغوية أكثرُ صعوبة من غيرها بالنسبة للأطفال ذوي متلازمة داون، في حين أن بعضها الآخر أسهل نسبيًا. فهؤلاء الأطفال يتميزون بنقاط قوة في معرفة المفردات اللغوية واللغة الواجب استعمالها حسب الموقف (لغة التواصل الاجتماعي)، فهم غالبًا ما يطورون مفردات لغوية أكثر غنى وتنوعًا كلّما اقتربوا من مرحلة النضوج. كما أنهم يمتلكون مهارات جيدة في التفاعل الاجتماعي ويستخدمون الإيماءات وتعابير الوجه بصورة فعالة في سبيل تعزيز التواصل، فهم إجمالًا يمتلكون الرغبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين. وفي المقابل، يُعتبر التركيب والصرف (قواعد بناء الجملة وَ قواعد بناء الكلمة، بما فيهما قواعد اللغة، والزمن في الفعل، ومصادر الكلمات، والسابقات واللاحقات) أكثر صعوبة، ولعلّ السبب هو طبيعتها المعقدة والتجريدية. إذ إن الأطفال ذوي متلازمة داون غالبًا ما يستصعبون استعمال قواعد اللغة والزمن في الفعل ونهاية الكلمات، ويميلون عوضًا عن ذلك إلى استعمال جمل أقصر في التواصل مع الآخرين. فواقع الحال أن معظم الأطفال ذوي متلازمة داون قادرون على استيعاب ما يسمعونه وما يدور حولهم أكثرَ من قدرتهم على التعبير، ولذلك فإن نتائج اختبارات الاستقبال اللغوي عندهم أعلى من التعبير اللغوي. ويُعرف هذا باسم الفجوة بين الاستقبال والتعبير.
بإمكان أطفال ذوي متلازمة داون تعلم الكثير عبر الوسائل النظرية، ولذلك فإن القراءة الدائمة واستخدام برامج الكمبيوتر التي تركز على مهارات اللغة يمكن أن تساعدهم في التعلم. إذ إن مشاهدة الكلمات والصور المرتبطة بالأصوات والقدرة على قراءة الكلمات يمكن أن يساعدهم في تطوير اللغة والنطق. وبالنسبة لبعض الأطفال يمكن أن تساعد الكلمات المكتوبة أثناء استخدام اللغة التعبيرية (المهارات اللغوية التعبيرية).
ما هي سمات النطق لدى الأطفال والمراهقين من ذوي متلازمة داون؟
هناك قدرات مختلفة لدى الأطفال ذوي متلازمة داون فيما يتعلق بالنطق. ويُعتبر وضوح النطق (الكلام الذي يسهل فهمه) من أعقد المسائل بالنسبة لهم، بغض النظر عن عمرهم. إذ يعاني كثيرٌ منهم من صعوبةٍ في تحريك عضلات النطق وضبط توقيتها. فالنطق يستلزم تنسيق التنفس (حركة التنفس)، والصوت (حركة الحبال الصوتية)، وإصدار التعابير الصوتية (النطق). أما العوامل المرتبطة بمشاكل وضوح النطق هي: المشاكل المتعلقة بنطق حروف محددة، وضعف عضلات الوجه والفم، وصعوبة في التحليل الحسّي وضعف الإحساس بمواقع النطق داخل الفم، واستعمال العمليات الصوتية (مثل عدم نطق قطع صوتية في آخر الكلمات)، وصعوبات في التحضير الحركي للنطق.
ما الذي يقوم به أخصائي اللغة والنطق؟
يستطيع أخصائي اللغة والنطق تقييم الأطفال والمراهقون من ذوي متلازمة داون ووضع خطة علاجية لصعوبات التواصل لديهم . إذ إن بمقدوره المساعدة في وضع خطة علاج شاملة التي يعاني منها الطفل، بما فيها المهارات اللغوية الاستقبالية والمهارات اللغوية التعبيرية، ومعاني الألفاظ (المفردات)، والتركيب (قواعد بناء الجملة) واستعمال اللغة حسب الموقف (الاستخدامات المتنوعة للغة والمهارات الاجتماعية ومهارات المحادثة)، والمهارات اللغوية في الفصول الدراسية، وتعزيز حركات النطق وتقوية عضلات الوجه والإستعداد الحركي للنطق. كما يستطيع الأخصائي العمل مع الأسر والمعلمين في تصميم برامج مدرسية ومنزلية ومجتمعية فعالة وتطبيقها لمساعدة الأطفال في تطوير مهارات التواصل وتعزيزها.
ما هي المهارات اللغوية المطلوبة للمدارس عند الدمج؟
بمقدور الأبوين العمل مع طاقم المدرسة في وضع برنامج علاج فردي لطفلهما. فعندما يوضع الطفل ضمن بيئة دمج، يمكن أن يتشاور أخصائي اللغة والنطق مع المعلم بهدف إطلاعه على المعلومات الخاصة باحتياجات الطفل في مجال التواصل، واقتراح أي تعديلات لازمة، مثل تزويد الطفل بتوجيهات مكتوبة عوضًا عن التوجيهات اللفظية أو تقليل عدد الواجبات المدرسية. كما يمكن تكييف مكان جلوس الطفل من أجل مساعدته في السمع والإصغاء، إضافة إلى أي مهارات أخرى يمكن أن تعين في الاستفادة بالشكل الامثل من التعليم في الفصل الدراسي. أما الأطفال الذين تعلموا اتباع الأوامر والتوجيهات واستوعبوا الروتين المدرسي واكتسبوا المهارات الأساسية اللازمة للدراسة، فهم على أهبة الاستعداد لخوض تجربة تعليمية ناجحة. ومع ذلك، تبقى هناك مهارات أخرى مطلوبة للتواصل مثل القدرة على الكلام، التفاعل مع الأطفال الآخرين، المعلمين وأولياء الأمور وموظفي الكافيتيريا، موظفي المدرسة، وسائقي الحافلات المدرسية.
ويعاني الأطفال ذوي متلازمة داون في المدرسة عندما لا يستطيع أقرانهم ومعلموهم فهم نطقهم وكلامهم. ولذلك يربط المختصون أحيانًا بين المشكلات السلوكية والإحباط الذي يصيب الطفل جرّاء فشل الآخرين في فهم كلامه، ما يحتّم دراسة العلاقة بين التواصل والسلوك.
كيف يمكن للأبوين المساعدة في تحسين نطق طفلهما؟
بمقدور الأبوين تدريب طفلهما على مهارات التواصل في المنزل والمحيط الاجتماعي. إذ تساعد التجاربُ الشاملة والمتنوعة في المنزل والمحيط الاجتماعي الأطفالَ والمراهقين ذوي متلازمة داون على مواصلة اكتساب مهارات تواصلية جديدة واستعمالها. كما يمكن أن تساعد الأنشطة الاجتماعية التفاعلية هؤلاء في تطوير مهارات اللغة والنطق وممارستها؛ فعندما تتسنى للطفل فرصٌ أكثر للتواصل ستزدادُ مهاراته.
أما أخصائي اللغة والنطق فهو قادرٌ أيضًا على توفير المعلومات وتصميم برنامج أنشطة منزلية تعين الطفل على ممارسة مهارات التواصل التي يركز عليها في جلسات العلاج. ولتحقيق النجاح واستمرار الطفل في ممارسة مهارات التواصل اللغوي، لابدّ أن يحافظ الأبوان على اتصال دوري بأخصائي النطق والكلام. وهنا، يمكن أن تشكل المكالمات الهاتفية الدورية والرسائل الإلكترونية وقراءة المجلات المختصة والاستماع إلى أشرطة التسجيل مصدرَ دعم كبير ووسيلة فعّالة للاطلاع الدائم على آخر التطورات. ويمكن للأبوين كذلك طلب خدمات إضافية عند الحاجة.
المراجع
تم إعادة إنتاج المعلومات الموجودة في هذا الفصل بموجب اتفاق حصري مع الجمعية الوطنية لمتلازمة داون. وهي متوفرة على الموقع الإلكتروني للجمعية: http://www.ndss.org