بقلم د. ليبي كومين
للرضّع، عمر الحضانة، والأطفال اليافعين
تسبب اللغة والنطق تحديات عديدة بالنسبة للأطفال ذوي متلازمة داون. غير أن هناك معلومات تساعد الرضّع والأطفال في البدء بتعلم التواصل مع الآخرين، وتعزز تقدّم الأطفال الصغار في تعلم اللغة والنطق. وفي حين أن معظم أطفال ذوي متلازمة داون يتعلمون المحادثة ويستخدمون النطق بوصفه وسيلتهم الرئيسية في التواصل، إلا أنهم يستوعبون اللغة ويمتلكون الرغبة في التواصل الجيد مع الآخرين حتى قبل أن يصبحوا قادرين على الكلام. وفي هذا الإطار، يُعتبر التواصل الكلّي باستخدام لغة الإشارة أو الصور أو العبارات الإلكترونية المركبة، أو كلها مجتمعة، خيارًا فعالًا كي يتم اللجوء إليه أثناء الفترة الانتقالية الى أن يصبحوا قادرين على الكلام
هل تُعتبر مشاكل السمع شائعة لدى الأطفال ذوي متلازمة داون؟
تشيع التهابات الأذن كثيرًا لدى جميع الأطفال في مرحلتي الرضاعة والطفولة المبكرة، غير أن الاختلافات التشريحية داخل آذان الأطفال ذوي متلازمة داون (ضيق القنوات وقِصرها) يجعلهم أكثر عرضةً لتجمع السوائل خلف طبلة الأذن، وهو ما يُعرف بـ"التهاب الأذن الوسطى المصلي". وتنتج هذه المشكلة عن انحباس السوائل واحتقانها في حيّز الأذن الوسطى، وقد يرافقها أحيانًا التهاب. ويعيق وجود السوائل عملية السمع لدى الطفل، فيؤدي إلى درجات متفاوتة من ضعف السمع التوصيلي. وهنا يتعين متابعة حالة الطفل من جانب طبيب الأطفال وطبيب الأذن والأنف والحنجرة، وكذلك زيارة أحد أخصائيي السمعيات لإجراء اختبار سمعي، علمًا أنه يمكن إجراء هذا الاختبار بعد الولادة بفترة قصيرة. ويتعين إجراء الاختبار السمعي كل ستة أشهر حتى عمر ثلاث سنوات، ثم مرة واحدة سنويًا حتى عمر 13 سنة. أما علاج هذه الحالة فيكون بالمضادات الحيوية أو بإدخال أنابيب لتجفيف السوائل داخل الأذن. وتنسجم هذه النصائح مع قائمة التوصيات الواردة في دليل إرشادات رعاية ذوي متلازمة داون.
ما آثار فقدان السمع على تطور اللغة والنطق؟
يتعلم الأطفال اللغة والنطقَ من خلال الاستماع والنظر واللمس. ويُعتبر الاستماع عاملًا مهمًا للغاية في عملية النطق، حيث بيّنت الدراسات أن تطوير النطق والكلام يتأثر سلبًا بالتراكم المزمن لسوائل الأذن. كما يعاني الاطفال ذوي متلازمة داون غالبًا من أشكال متعددة من نقص السمع بسبب تكرر انحباس السوائل في الأذن الوسطى. فوجود السوائل يعيق السمع، والعكس صحيح، أي أن السمع يتحسّن عند إزالة هذه السوائل. وعندما يعاني الأطفال بشكل متواصل من ضعف في السمع يصعُب عليهم تعلم الأصوات والعلاقة بينها وبين الأشياء المحيطة. ولذلك ينبغي على الأبوين التأكد من سلامة السمع لدى طفلهما. علمًا أن أطباء الأطفال وأطباء الأذن والأنف والحنجرة يحققون نجاحًا باهرًا في معالجة احتباس السوائل داخل الأذن، غير أن العلاج يستلزم مراقبة دقيقة ومتواصلة.
ما هي العلاقة بين التغذية واللغة والنطق؟
يُعتبر النطق وظيفةً ثانوية تستخدم نفس الأعضاء التشريحية التي تُستخدم في التغذية والتنفس. ولذلك يؤثر ضعف التوتر العضلي على التغذية بمقدار ما يؤثر على النطق. وفي التغذية يكتسب الأطفال المهارة ويقومون بتقوية عمل العضلات التي سوف تُستخدم في النطق لاحقًا؛ فإذا عانى الطفل من صعوبة في التغذية، يتعين على أبويه طلب المشورة من أخصائي (أخصائي تقويم النطق والكلام أو معالج وظيفي متميز وذي إلمام واسع). إذ إن علاج التغذية يساهم في تقوية عضلات الوجه، وهذا بدوره سيؤثر إيجابًيا على النطق.
هل هناك مهارات أخرى مرتبطة بتطوير اللغة والنطق؟
تتضمن المهارات الإضافية السابقة للغة والنطق القدرةَ على تقليد الأصوات وتكرارها؛ ومنها مهارات أخذ الدور (التي يتم تعلمها عبر الألعاب)، والمهارات البصرية (النظر إلى المتحدث والأشياء)، ومهارات الاستماع (الاستماع إلى الموسيقى أو الأحاديث أو أصوات الحروف لفترات طويلة)، ومهارات اللمس (التعرف على حاسّة اللمس واستكشاف الأشياء عن طريق الفم)، والمهارات الحركية الشفوية (باستخدام اللسان وتحريك الشفاه)، والمهارات المعرفية (استيعاب ثبات الأشياء وعلاقة سبب- نتيجة). وهنا، يستطيع أفراد الأسرة تحفيز هذه المهارات في المنزل.
متى سينطق طفلي كلمَته الأولى؟
عادةً ما يبدأ الاطفال ذوي متلازمة داون باستخدام كلمات مفردة بين عمر 2 إلى 3 سنوات، لكن العمر الذي ينطقون فيها كلمَتهم الأولى غير ثابتة. وقد تكون الكلمة الأولى الفعلية لهم عبارة عن إشارة وليس كلمة منطوقة. ومعظمهم يتواصلون منذ الولادة عبر البكاء والنظر والإيماءات؛ إذ إنهم يرغبون بالتواصل مع الآخرين ويدركون أن البكاء وإصدار الأصوات يمكن أن يؤثر على المحيطين بهم وبالتالي الحصول على مساعدتهم واهتمامهم واللعب معهم. غير أن كثيرين الأطفال ذوي متلازمة داون يفهمون العلاقة بين كلمةٍ ما ومفهومٍ ما في الأشهر الـ10-12 الأولى من عمرهم، لكنهم في هذا العمر لا يمتلكون بعض المهارات العصبية والحركية الكافية التي تمكّنهم من الكلام. ولذلك ينبغي توفير نظامٍ بديل يستطيع الطفل من خلاله التواصل مع الآخرين وتعلم اللغة قبل امتلاك القدرة على الكلام.
ما هو التواصل الكلّي؟
التواصل الكلّي عبارة عن نظام يجمع بين اللغة ولغة الإشارة والإيماءات لتعليم الكلام. ويوفر هذا النظام للطفل وسيلة تواصل سابقة لامتلاكه المهارات اللازمة للكلام؛ حيث يستخدم الكبار في هذا النظام اللغة مع لغة الإشارة عند التحدث مع الطفل، فيتعلم الطفل إشارات محددة ويربطها بالكلام وكذلك يبدأ باستخدام لغة الإشارة للتواصل. وفي حين أن لغة الإشارة تُعتبر وسيلةً انتقالية بالنسبة للأطفال ذوي متلازمة داون، فإن الخيارات الأخرى تتضمن استخدام الصور على لوح تواصل أو التواصل عن طريق استخدام الصور أو أنظمة التواصل الإلكترونية التي تستخدم الأصوات المركبة، أو كلها مجتمعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن معظم الأطفال ذوي متلازمة داون مستعدون لاستخدام نظام لغوي قبل عدة أشهر، أو حتى سنوات، من امتلاكهم القدرة على استخدام النطق كوسيلة فعالة في التواصل مع الآخرين. ومن هنا تبرز الحاجة لاعتماد أنظمة تواصل انتقالية مثل لغة الإشارة والصور والأصوات المركبة. وفي هذا المجال يمكن لأخصائي اللغة والنطق أو أخصائي طرق التواصل التعزيزية البديلة، أو كليهما معا، المساعدة في تصميم نظام تواصل انتقالي خاص بالطفل. وللتذكير، فإن معظم الأطفال ذوي متلازمة داون سوف يستخدمون الكلام بوصفه نظام التواصل الرئيسي المفضل لديهم.
كيف يمكن للأبوين مساعدة الرضّع والأطفال الصغار لتعلم اللغة والنطق؟
الآخرين. أما المكان الأمثل لتعلم الكثير من المهارات السابقة للغة والنطق فهو المنزل. وكي ينجح الأبوان في مساعدة طفلهما على تطوير هذه المهارات، ينبغي أنْ يلتزما بما يلي:
-
تذكّر أن اللغة لا تقتصر على الكلمات المنطوقة بحد ذاتها؛ وعندما يقومان بتعليم طفلهما كلمة أو مفهومًا، يجب أن يركزا على تعريفه بالمعنى الذي تشير إليه هذه الكلمة من خلال اللعب أو التجارب المعتمدة على الحواس (السمع واللمس والنظر)
-
تقديم نماذج متعددة إذ يحتاج معظم الأطفال ذوي متلازمة داون إلى التكرار عدة مرات وإعادة المحاولة لتعلم كلمة واحدة. وهنا يتعين على الكبار تكرار ما يقوله الطفل، وتقديم نموذج لمساعدته في إجادة الكلمة
-
استخدام أشياء حقيقية وإتاحة ظروفٍ واقعية؛ أثناء تعليم الطفل مفهومًا ما، يمكن للأبوين اللجوء إلى أنشطة يومية وإتاحة أجواء واقعية قدر المستطاع. بمقدورهما مثلًا تعليم طفلهما أسماء الأطعمة وهو يتناولها، وأسماء أعضاء الجسم وهو يستحم، ومفاهيم مثل "تحت،في، على... إلخ" وهو يلعب
-
التذكّر بأن التواصل جزءٌ أساسي من الروتين اليومي
-
قراءة القصص لطفلهما إذ ينبغي عليهما مساعدة طفلها في تعلم مختلف المفاهيم عبر قراءة قصص تتعلق بها، والقيام برحلات تعليمية، وخوض تجارب جديدة بصورة يومية
-
متابعة اهتمامات الطفل: إذا أبدى الطفل اهتمامًا بشيء ما أو شخص أو لعبة، يتعين على الأبوين تعريفه بالكلمة الخاصة بهذا المفهوم. وسيقطع الطفل مراحل عديدة إلى أن يتمكن من استخدام الكلام، فالطفل يستجيب إلى الأصوات المألوفة، ويميّز الوجوه المألوفة، ويجرّب العديد من الأصوات المختلفة، ويصدر بعض القطع الصوتية مرارًا وتكرارًا، ويصدر صوتًا معينًا للدلالة على أحد أبويه (بابا، ماما). بل إن بعض الأطفال يستمتعون بالنظر في المرآة، واللعب بإصدار الأصوات. وفي هذا الإطار، يمكن للأبوين تعلم بعض الطرق الفعالة لتعزيز مهارات الطفل هذه في المنزل عبر حضور جلسات التدخل المبكر، وقراءة الكتب، والمشاركة في ورش العمل وطلب مشورة أخصائي اللغة والنطق.
متى ينبغي أن يلجأ الأبوان إلى أخصائي لغة ونطق ؟ وما تعريف التدخل اللغوي المبكر؟
يمكن اللجوء إلى أخصائي اللغة والنطق منذ مرحلة الرضاعة. وقد يتضمن العلاج التحفيز الصوتي وتحفيز الكلام عند اللعب والتغذية والحركة الشفوية وغيرها من التقنيات، ويجب أن تكون الأسرة شريكًا أساسيًا في العلاج لأنها المعلّمُ الأول للغة والنطق. ويُقصد بالتدخل الكلامي المبكر مجموعُ الخدمات التي تُقدم للرضّع والأطفال الصغار منذ الولادة وحتى نهاية العام الثاني من العمر. وهنا يتعينّ أن تكون خدمات تعليم النطق جزءًا من خطة علاجٍ شاملة للرضّع والأطفال الصغار، وقد يستوجب هذا الأمر جلسات علاجية داخل المنزل أو في عيادات اللغة والنطق، وقد يشكل ذلك جزءً من منهجية جماعية يشترك فيها أخصائيون العلاج الطبيعي والوظيفي وغيرهم من الأخصائيين الذين يعملون يدًا بيد مع أسرة الطفل.
المراجع
تم إعادة إنتاج المعلومات الموجودة في هذا الفصل بموجب اتفاق حصري مع الجمعية الوطنية لمتلازمة داون. وهي متوفرة على الموقع الإلكتروني للجمعية: http://www.ndss.org